إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
ركز بحث فاتسلافيك على الطريقة التي نبني بها العلاقات، حيث رصد في الأساس<br />
أزواجًا كان لديهم مشكلات، ودر َّبهم على استخدام طرق مختلفة للتغلب على هذه<br />
املشكلات. وفي أثناء القيام بهذا، اكتشف شيئًا مهمٍّا جدٍّا: وجد أنه عندما كانتِ العلاقات<br />
بني الزوجني على وشك الانهيار، كان مستوى «التواصل» غالبًا معقولاً ومقبولاً على نحو<br />
مثالي، بَيْدَ أن التواصل غري املباشر هو الذي كان سببًا في الانهيار. بعبارة أخرى، كان<br />
الناس يقولون أشياء جيدة، ورغم ذلك، كانت «الطريقة» التي تُقال بها هذه الأشياء<br />
هي التي تسب ِّب النزاع والسلبية؛ لذلك فإن مجرد تحسني «الأشياء» التي يقولها الناس<br />
بعضهم لبعض ليس له تأثري كبري على العلاقة فيما بينهم.<br />
وجد فاتسلافيك أنه إذا كنتَ قادرًا على تصحيح التواصل غري املباشر، يمكنك<br />
حينها بسهولة نسبيٍّا رأب الصدع الذي أصاب العلاقة. في الواقع، كان تحسني التواصل<br />
غري املباشر ناجحًا لدرجة مك َّنتِ العلاقة من الاستمرار والبقاء حتى عندما كان يتفو َّه<br />
الزوجان بأشياء مدم ِّرة وسلبية.<br />
وقد خلص فاتسلافيك من هذا الأمر إلى أن هذا الجانب من التواصل غري املباشر<br />
هو املحرك الرئيسي للعلاقات. وبعبارات بسيطة، ليستِ «الأشياء» التي تقولها هي التي<br />
تبني العلاقات، بل «الطريقة» التي تقولها بها.<br />
هذا يعني الكثري بالنسبة ملجال الإعلان. فما يُشري إليه بحث فاتسلافيك هو أن<br />
الرسالة <strong>العقل</strong>انية في الإعلان ليستْ هي ما يبني ارتباطًا أو علاقة بعلامة تجارية معينة،<br />
ولكن الإبداع العاطفي الذي يُحِ يط بتلك الرسالة هو ما يبني تلك العلاقة. وهذا يعني<br />
أن توصيل الرسالة في الإعلان — الذي يشغل ٩٠٪ من وقت وجهد املعلنني واملسو ِّقني<br />
— قد لا يكون له في واقع الأمر سوى أهمية ضئيلة نسبيٍّا فيما يتعلق بالاحتفاظ بنجاح<br />
العلامة التجارية على املدى الطويل. وعلى النقيض، قد يصبح الإبداع — الذي يُترْ َك عمومًا<br />
وبالكلية لأهواء املبدِعني الذين يعملون بحماس في وكالاتهم الإعلانية — الشيء الوحيد<br />
البالغ الأهمية الذي يرتبط بنجاح العلامة التجارية على املدى الطويل. وبعبارة أخرى،<br />
قد تنقلب عملية صنع الإعلانات برمتها رأسً ا على عقب.<br />
كانت لدى مارشال ماكلوان — الذي افتُتح هذا الفصل بمقولته — الفكرة نفسها<br />
إلى حد ٍّ كبري. أشهر ما قاله ماكلوان هو: «أحيانًا ينتابنا إلى حد ما نوع من الصدمة<br />
عندما يتم تذكرينا بأن الوسيلة الإعلامية — في الواقع العملي والتطبيقي — هي الرسالة»<br />
(ماكلوان، ١٩٦٤). وهذه املقولة تُلمِ ح إلى فكرة أن ناقل الرسالة يكون أكثر تأثريًا من<br />
190