إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
أفكار بديلة<br />
الحَذِر «<strong>العقل</strong>اني» أو املنطقي. أما مستقبل نظرية التفاعل املتدن ِّي فيكمن في الجانب غري<br />
اللفظي» (كروجمان، ١٩٧٧). كما فهم أيضً ا أهمية تكرار العرض على املتلق ِّي: «تؤك ِّد<br />
نظرية التفاعل املتدن ِّي على أن َّ لتكرار العرض تأثريًا ليس باديًا للعيان فورًا ولا يَظهَر<br />
إلا عند تحفيز السلوك» (كروجمان، ١٩٧٧). وأخريًا، فهم الأهمية الكبرية للتمييز بني ما<br />
سم َّاه بالتعر ُّض وبني الإدراك. يقول:<br />
قد يكون من املفيد أن ننظر أولاً في مفهومني مرتبطني، وهما: النظر والرؤية؛<br />
حيث يسمح هذان املتغريان بتصنيف رباعي (أي إن بوسع املرء أن ينظر وأن<br />
يرى، وأن ينظر ولكن لا يرى، وألا َّ ينظر أو يَرى، وربما أن يرى من دون أن<br />
ينظر).<br />
تنطوي الرؤية من دون النظر على ظاهرتَيِ الرؤية العابرة والرؤية<br />
الواعية، فالنظر إلى الشيء لا يتحقق إلا في إطار قوس من ثلاث درجات؛ حيث<br />
لا يتوجب أن تكون واعيًا للشيء الذي تراه على نحو عابرٍ ، فأنت حينئذٍ لا<br />
تعرف أنك قد رأيتَ ، وقد تُنكِر في وقتٍ لاحقٍ أنك قد رأيتَ . وكثري مم َّا يسم ِّيه<br />
الناس بالإدراك اللاواعي هو مجرد رؤية عابرة؛ أي رؤية من دون نظر، ومن<br />
دون أن ندرك أن الرؤية قد حدثت. (كروجمان، ١٩٧٧)<br />
أجد هنا أن مقدرة كروجمان غري عادية في تصو ُّر هذه الأفكار التي سبق بها<br />
عصره، وكما سنرى في الفصل السادس، فإن فكرتَهُ التي مفادها أن َّ من املمكن التأثري<br />
فينا بالإعلان الذي يُعرَض علينا بشكل عابر ومن دون معالجة تفاعلية معه؛ لم تَنَلْ ما<br />
تستحقه من الاعتراف والتطبيق إلا بعد ٢٠ عامًا، بل إن هذه الرؤية املستقبلية تصل<br />
إلى ما هو أبعد من عالم الإعلان؛ مجال صُ نْع القرار. ففي بحثه الذي نشره لأول مرة<br />
عام ١٩٦٥، اعتبر أن عدم وجود أدلة على أن الإعلان يغري ِّ التوجهات هو نقطة الضعف<br />
الرئيسية والوحيدة عند محاولة إقناع الناس بفعالية هذا الوسيط:<br />
الأثر الاقتصادي للإعلانات التليفزيونية كبري وموث َّق، ولكن َّ الافتقار إلى تسجيل<br />
تاريخي للحالات التي تربط الإعلان باملواقف املختلفة من املبيعات هو الذي<br />
يقف حاجزًا أمام الباحثني ويمنعهم من استنتاج أن الاستخدام التجاري لهذا<br />
الوسيط يحق ِّق نجاحًا. ونحن نواجه وضعًا غريبًا يتمث َّل في معرفتِنَا أن الإعلان<br />
له تأثري وعجزِنَا في ذات الوقت عن شرح السبب. (كروجمان ١٩٦٥)<br />
51