إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
اللاوعي التكي ُّفي<br />
تعريف التفكري الواعي<br />
جزء من املشكلة يتمث َّل فيما يمث ِّله الوعي وما لا يمث ِّله، والخطوة الأولى املهمة هي إدراك<br />
أن التفكري الأكثر تعقيدًا لا يتم باستخدام الكلمات، على عكس ما يحدث في قاعة املحكمة.<br />
ذات مرة قال العالِم الكبري أينشتاين إن الكلمات واللغة، في صورتَيْهما املكتوبة واملنطوقة،<br />
لم يكن لهما دور على ما يبدو في آلية تفكريه (هيدمان ١٩٤٥).<br />
والتفكري للحظة يجعل املرء يدرك أننا ربما لا يمكننا «التفكري» بالكلمات، وذلك<br />
لسبب بسيط؛ وهو أنها تكون شديدة املحدودية والغموض. وكما يقول ستيفن بينكر:<br />
لا يمكن أن تكون الأفكار كلماتٍ وجُملاً إنجليزية، على الرغم من الاعتقاد<br />
الخاطئ الشائع بأننا نفكر بلغتنا الأم. تحق ِّق الجمل الإيجاز من خلال إهمال<br />
أي معلومات يمكن للمستمع مَلْؤُها عقليٍّا من خلال السياق. وفي املقابل، يمكن<br />
ألا َّ تترك «لغة التفكري» التي صيغت بها املعرفة أي شيء للخيال؛ لأنها هي<br />
الخيال. (بينكر، ١٩٩٧)<br />
املشكلة الثانية التي نُواجِ هها في محاولة فهْم الوَعْي هي أنه بمجرد أن تسأل شخصً ا<br />
ما عم َّا يُفك ِّر فيه، يمكنك «تغيري» ما يُفك ِّر فيه. كما هو الحال في دراسة الحالة الخاصة<br />
بجرو أندريكس، فالسؤال في حد ِّ ذاته يدفع الأشخاص إلى تعديل تفكريهم إلى «التفكري»<br />
أكثر وعلى نحو مختلف.<br />
لتوضيح هذا الأمر، تأم َّل ما يلي: عندما تقوم بإعداد كوب من الشاي مضافًا إليه<br />
الحليب، فإنك تحتاج إلى التأكد من إضافة الكمية املناسبة من الحليب للحصول على<br />
التركيز أو «اللون» املناسب للشاي. إذن هنا يلعب كل ٌّ من الحكم والقرار دورًا، ولكنك<br />
تتخذ هذه الأحكام والقرارات في كل مرة تُعِ د ُّ فيها الشاي.<br />
كذلك تخيل لو أنني سألتُك عند مرحلة صب ِّ الحليب عم َّا تفك ِّر فيه. ستقول لي<br />
إنك تفكر في املقدار الذي يجب إضافته للحصول على اللون املناسب، ومن ذلك يمكننا<br />
أن نستنتج أن هذا العمل قد تم َّ بشكْل متعم َّد ومرك َّز وواعٍ تمامًا، باستخدام املعالجة<br />
النشِ طة. وهذا صحيح؛ لأنك من خلال طرحِ ي السؤال قد «حو َّلتَه» إلى عمل يتم بشكل<br />
متعم َّد ومرك َّز وواعٍ تمامًا، باستخدام املعالجة النشطة. فإذا لم أطرح هذا السؤال فربما<br />
قمتَ بصب ِّ الحليب تلقائيٍّا دون تفكري نشِ ط على الإطلاق، وسيتم أي حكم اتخذتَه حول<br />
اللون في حالةٍ يمكن اعتبارها على أقصى تقدير حالة نصف وعي.<br />
145