إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
أفكار بديلة<br />
يصف هيث وفلدويك لنا ما جرى عقب ذلك:<br />
الغريب في هذه الحالة لم يكن يتمث َّل في أسلوب البحث، ولكن كان يتمث َّل في<br />
أن املُعلِن قر َّر — لأسبابٍ تتعلق بالتوقيت — أن يُذِيع الإعلان، وكانت النتائج<br />
استثنائية؛ فقد أصبح هذا الإعلان الأكثر شعبية بني املراهقني؛ حيث أبدى ٩٣٪<br />
منهم إعجابهم بالإعلان، لا سيما الأغنية. والأهم من ذلك، أن العلامة التجارية<br />
لهذا املنتج اكتسبت حصة كبرية من السوق. (هيث وفلدويك، ٢٠٠٨)<br />
هكذا نرى أن لدينا إعلانًا لاقَى شعبية استثنائية، بَيْدَ أن الفارق هو أن إعلان تلما<br />
لا يتضمن أي رسالة تتعل َّق بالحصول على تأمني بأقساط رخيصة على السيارة؛ لا توجد<br />
رسالة على الإطلاق، لأن الإعلان يعرض لأغنية كلامها بلا معنًى البتة. ويُعَد ُّ هذا مثالاً<br />
ممتازًا على نموذج كروجمان للإعلان التليفزيوني «التافه والسخيف»، ولكن على الرغم<br />
من عدم وجود رسالة إعلانية، فإنه حو َّل املنتج إلى قصة نجاح حقيقية.<br />
أهمية دراسة الحالة الخاصة بتلما هي أنها تسل ِّط الضوء على واحدة من الانشقاقات<br />
الكبرية بني وكالات الإعلان ووجهات التسويق؛ حيث ترفض وكالات الإعلان تمامًا فكرة<br />
كروجمان القائلة بأن الناس لا تولي اهتمامًا لإعلانات التليفزيون؛ لأن الانتباه املتدن ِّي<br />
يعني أن يذهب عملهم الرائع سُ دًى من دون أن يتذكره أحد. وهكذا يَجِ دون في إعلان<br />
مثل إعلان تلما، وما حق َّقه من شهرة وإعجاب، انتصارًا لإبداعهم. بينما ترفض شركات<br />
التسويق فكرة إرينبرج القائلة بأن الإعلان لا يُغري ِّ من توجهات املتلق ِّي؛ لأن عدم تغيري<br />
التوجه يعني انتفاء وجود ما يمكن قياسه وانتفاء أي دليل على أن الإعلان قد حق َّق أي<br />
شيء للعلامة التجارية، وهكذا يعتبرون إعلان تلما، الذي لا يحوي أي رسالة، مَضيَعةً<br />
للمال.<br />
ومع هذا فقد حق َّق النجاح، وكان طرح املنتج الجديد نموذجًا يُحتَذَى به، وكان<br />
بوسْ ع الوكالة الإعلانية أن تستغل َّ هذه الحالة لتد َّعي أن التذك ُّر هو الشيء الأكثر أهمية،<br />
وأنْ لا أهمية لتغيري التوج ُّه. ويمكنك أن تتبني الآن سبب شهرة نموذج إرينبرج (الوعي<br />
– التجربة – التعزيز) لدى وكالات الإعلان؛ فهو يعني أن بوسعهم أن يتوق َّفوا عن القلق<br />
بشأن توصيل الرسالة، وأن يرك ِّزوا أكثر على الفكرة الإبداعية التي تصري حديث الناس.<br />
لكن َّ املستهلكني ليسوا مجموعات من الس ُّ ذ َّج، وهذا ما أشار إليه إرينبرج وهو مُحِ ٌّق<br />
في ذلك، وأنا على يقني مِ ن أن املستهلكني الإسرائيليني لم يتحد َّثوا بعضهم إلى بعض<br />
57