إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
أفكار بديلة<br />
كروجمان مستعينًا بعدد من املشاركني، وبمقياس أكثر دقة ملستوى الانتباه، وفي ظل<br />
سياق متوازن وأكثر تمثيلاً ، وفي بيئة أكثر راحة، ولكن النتائج جاءت متطابقة تمامًا مع<br />
تجربة كروجمان (هيث، ٢٠٠٩)؛ أي إن تفاعل املتلق ِّي مع املحتوى التليفزيوني هو في<br />
الواقع أقل ُّ بكثري مِ ن تفاعله مع الوسائط املطبوعة.<br />
كان تأكيد كروجمان تفنيدًا قاطعًا لقناعات املعلنني في ذلك العصر، والذي مفاده<br />
أن مشاهدة التليفزيون نشاط يستلزم قدْرًا كبريًا من الانتباه، أعلى بالتأكيد من قراءة<br />
إعلان مطبوع؛ حيث كانوا يَرَوْن أن مشاهدة التليفزيون تحتاج إلى حاستني — النظر<br />
والسمع — وليس حاسة واحدة فقط؛ ومِن ثَم َّ تتضاعف عناصر جذْب انتباه املشاهد.<br />
ولكن َّ لنتائج كروجمان منطقَهَا؛ فمن السهل نسبيٍّا أن تُوليِ اهتمامًا عندما تقرأ نصٍّ ا،<br />
لأنك تتحكم في زمن تنفيذ هذه املهمة — يمكنك أن تمسح الصفحة بناظريك — وأن<br />
تُوليِ املزيد من الانتباه إلى الأجزاء التي تهتم بها، وانتباهً ا أقل َّ إلى الأجزاء التي لا تهمك،<br />
بينما يعتمد تلقني املعلومات في التليفزيون كليٍّا على الطريقة التي تم تنفيذ الإعلان بها،<br />
فلا سيطرة لك عليه، وليس لديك (إلا إذا كنتَ قد شاهدتَ الإعلان من قبلُ) أي ُّ فكرة<br />
حقيقية حول مدى استحواذه على اهتمامك. وهكذا يصبح التليفزيون تجربة شاملة؛ فلا<br />
يمكنك أن «تمسح» البيانات بشكل انتقائي؛ ومِن ثَم َّ من السهل جدٍّا علينا أن نعتقد —<br />
كما تنب َّأ جيمس في عام — ١٨٩٠ أن املُشاهِ د ينزلق إلى حالة خاملة متدنية الانتباه تجاه<br />
ما يشاهده.<br />
لم تكن حقيقة أن التليفزيون كان وسيطًا يعاني من محدودية التفاعل هي<br />
الاكتشاف الدراماتيكي الوحيد لتجربة كروجمان؛ فقد كانت النظرية السائدة في تلك<br />
الأيام هي أن الاهتمام بالإعلانات التليفزيونية يزداد كلما ازدادت مر َّات عرضه؛ حيث إن<br />
املُشاهِ د قد لا يُبدِي انتباهً ا كبريًا للعرض الأول، ولكن في كل مرة أخرى تزداد سهولة<br />
تفاعل املشاهد مع الإعلان والانتباه إليه. ولأجل اختبار هذه الفرضية، قام كروجمان<br />
بعرض ثلاثة إعلانات على املشاركني ثلاث مرات، ووجد في كل حالة أن نشاط موجة<br />
املخ «يتضاءل» مع كل مرة عرض؛ أي إن انتباه العينة «يقل»، وذلك على العكس من<br />
الافتراض القائل بأن الانتباه «يزيد» مع كل تكرار للعرض. ليس هذا وحسب، وإنما<br />
تبدو هذه النتيجة صحيحة بغض النظر عن مدى أهمية الإعلان للمتلقي. ومرة أخرى،<br />
تم تكرار تجربة كروجمان والتحقق من صحة النتائج (هوتون وآخرون، ٢٠٠٦).<br />
وهكذا نرى أن كروجمان قد توص َّ ل إلى أن الإعلان التليفزيوني لا يحظى بالانتباه،<br />
وأن الاهتمام به يتضاءل مع تكرار املشاهدة. ومن املثري للاهتمام أنه لم يعتبر ذلك<br />
49