إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
والآن يمكنكم ملاحظة الدور الذي يلعبه الفريق الإبداعي بالجلوس طيلة اليوم دون<br />
بذل كثري جهد. لطاملا كانت الإعلانات التي لا تُقرَأ بعناية — أو بعبارة أخرى، تلك التي<br />
لا يُلتَفَت إليها كثريًا — مشكلةً كبريةً بالنسبة للشركات املُعلِنة، ولطاملا كان «الإبداع»<br />
(الذي يتمث َّل في الفكرة املبتكرة التي يَخرُج بها الفريق الإبداعي) هو الحل الأكيد.<br />
بطبيعة الحال، لم يكن يمث ِّل هذا مشكلةً كبريةً عندما كانت الإعلانات تقتصر على<br />
الجرائد فقط. وقد حدث تغيري في كل شيء نتيجة بزوغ عصر التليفزيون التجاري<br />
في الولايات املتحدة الأمريكية في منتصف خمسينيات القرن العشرين؛ ففجأة وبدون<br />
مقدمات، صارت ميزانيات صناعة الإعلان تجارةً كبرية، وصارت وكالات الإعلانات التي<br />
تُصم ِّم وتُنتج تلك الإعلانات مشاريعَ تجاريةً ضخمة. أدى التليفزيون التجاري — الذي<br />
أتى بالسينما إلى غرف معيشتنا — إلى حدوث ثورة عارمة في الفُرَص الإبداعية التي<br />
أُتيحت لوكالات الإعلانات؛ ومِن ثَم َّ صار دفع الناس إلى الانتباه للإعلانات فجأةً هو مص َّب<br />
اهتمام «الجميع».<br />
حسنًا، كان لا بد أن يحدث هذا؛ فقد كان التليفزيون التجاري يت َّسم بتكلفةٍ باهظة،<br />
وقد ظهر في الأساس بهدف تحقيق عائد من الإعلانات؛ ولذا كان لِزَامًا أن يعرض هذا<br />
التليفزيون شيئًا ما يتمي َّز بالاختلاف. كان ما عرضه ذلك التليفزيون هو أن يصاحب<br />
عرض الرسالة موسيقى وحركة ودراما ومشاهري، وهي أمور أصبحت مألوفة لنا في أيامنا<br />
هذه. عندما ظهر التليفزيون التجاري لأول مرة، الْتَف َّ الناس حول أجهزة التليفزيون<br />
وهم في أعلى درجات الانتباه، مثلما يكون حال الأطفال اليوم الذين لم يَسبِق لهم مشاهدة<br />
التليفزيون من قبلُ. شهدتْ صناعة الإعلان نجاحًا تحق َّق بنيَ عَشِ ي َّة وضحاها، وحصلتِ<br />
الشركات التي استثمرت أموالها في تلك الصناعة على أرباح خيالية. وبطبيعة الحال،<br />
لم يَدُمِ افتتاننا بالجهاز ذي الشاشة الصغرية طويلاً ، وهو ما زاد من أهمية دَوْر الإبداع.<br />
ولكن َّ النجاح السريع لإعلانات التليفزيون يعني أنه قد نجح في جذب انتباه جميع<br />
الفئات ممن يرغبون في ركوب هذه املوجة الناجحة، وكان مِ ن بينهم علماء ومتخصصون<br />
في علم النفس ممن يعتقدون أن بإمكانهم صنع إعلان أكثر إقناعًا عن طريق مخاطبة<br />
تطلعاتنا من خلاله؛ ومِن ثَم َّ فقد أثاروا اهتمام العامة ممن لا يهتمون باملال املمكن<br />
تحقيقه من خلال الإعلانات التليفزيونية، بل يهتمون بالأخلاقيات التي قد يقد ِّمها لنا،<br />
ولم يكن هناك مفر ٌّ مِ ن املُواجَهَة.<br />
32