إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
لم يحدث ثاني أكبر هجوم على عملية الإقناع إلا بعد مرور أكثر من ٦٠ عامًا،<br />
وهذا دليل على أن الاتجاه املحافظ كان هو السائد في مجال الإعلان. هذه املرة كان<br />
الهجوم من جانب اختصاصي ٍّ نفسي يُدعَى هريب كروجمان، وكان هجومه على الإعلان<br />
التليفزيوني. لا يستطيع كروجمان تفسري كيف أن تلك املواد الإعلانية التافهة التي تمث ِّل<br />
معظم إعلانات التليفزيون بإمكانها إقناع أي شخص بشراء منتج، فبَادَر إلى إثبات أن<br />
الإعلانات التليفزيونية تُشاهَ د «بمستوًى منخفض من التركيز» إذا ما قورنت بالإعلانات<br />
املطبوعة. ومم َّا زاد من أفكاره أهميةً جهودُ أحد خبراء الإحصاء، ويُدعَى أندرو إرينبرج،<br />
الذي أثبت أنه من املُستبعَد بشدة أن تُغري ِّ الإعلانات سلوكيات أي شخص؛ ومِن ثَم َّ يكون<br />
من املستبعد جدٍّا أن تكون تلك الإعلانات مقنِعة.<br />
ثمة مُشكِلة ضخمة تتعل َّق بمجال الإعلان، وتتصل بمدى تقب ُّله لفكرة أننا لا ننتبه إلى<br />
الإعلانات وأنها لا تُغري ِّ سلوكياتنا. ولم يكن مستغرَبًا أن كانت الاستجابة لأفكار كروجمان<br />
إرينبرج — مثلما كان الحال مع سكوت — هي التعبري عن اهتمام بالِغ بتلك الأفكار ثم<br />
تجاهُ لها بأسلوب مهذ َّب.<br />
لكن يبدو أنه لا يمكن إنكار حقيقة أننا لا ننتبه كثريًا إلى الإعلانات، وبدأتُ في<br />
الفصل الثالث في تدعيم ذلك بالأدلة، وتوص َّ لتُ إلى أننا قد نقضي وقتًا أكبر بعيدًا عن<br />
الإعلانات، وخاصة إعلانات التليفزيون، أكثر من قضاء الوقت في مشاهدتها، ولدينا الكثري<br />
من الأسباب التي تدعم تصر ُّفنا هذا؛ فأولاً : نحن مُحاطون بإعلانات طيلة الوقت في حياتنا؛<br />
ومِن ثَم َّ لم تَعُدْ شيئًا مبتكرًا. وثانيًا: لزيادة حجم املنافسة هذه الأيام، نرى أن ما سوف<br />
يقوم به معظم املعلنني هو تأكيد أن علاماتهم التجارية هي الأفضل من باقي العلامات<br />
التجارية. وثالثًا: لأن «جميع» العلامات التجارية ذات جودة عالية فلا حاجة إلى كثرة<br />
استعراض جودتها. بمعنًى آخر، نحن لا ننتبه إلى الإعلانات لأننا لا نتوقع منها أي شيء<br />
جديد أو ممتع، وفي الواقع لدينا من الأشياء ما هو أفضل للقيام به في حياتنا.<br />
بالتأكيد عن طريق تجاهل الإعلانات لا نرى لها أي تأثري علينا. وفي الجزء الثاني من<br />
الكتاب سأبدأ في إثبات ما إذا كانت تلك حقيقة أم لا.<br />
الجزء الثاني: سيكولوجية التواصل<br />
فيما يتعلق بالطريقة التي نتواصل بها، يبدو لعقلنا أن كل شيء أكثر تعقيدًا بكثري مما<br />
نتوقع. يستعرض الفصل الرابع كيف يتفاعل التعل ُّم والانتباه عند مشاهدة إعلان. فقد<br />
20