إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
بصرنا، حيث تسه ِّل الرمشات التي تقوم بها أعيننا وتعدل كل شيء تعكسه العني على<br />
الشبكية في وضع مقلوب؟ ومع ذلك فقد تسب َّبت تجربة ليبيت في إثارة جميع أنواع الجدل<br />
مع اد ِّعاء بعض املعل ِّقني أنها تتحدى مفهوم الإرادة الحرة بأكمله. ولكن من وجهة نظر<br />
دينيت، فإن النتائج التي توص َّ ل إليها تتماشىَ تمامًا مع نموذج املسودات املتعددة: فما<br />
يفعله الدماغ هو تشفري املثري بما يتوافق مع املنطق قبل أن يعرضه على الوعي.<br />
وقد اعتبر دينيت تجربة ليبيت مَعِ يبة؛ لأن الأشخاص الذين خضعوا للتجربة كان<br />
عليهم إصدار حكم صعب حول وقت حدوث الإشارة. كما أنهم لم يفعلوا أي شيء في<br />
الحقيقة، ولكنهم استجابوا فحسب للمثري الذي سب َّبه شخص آخَ ر. ويستشهد دينيت<br />
بتجربة أكثر أهمية وإثارة للاهتمام تُعرف باسم ناقل جراي والتر الدائري للمعرفة<br />
املسبقة.<br />
تجربة جراي والتر وما قبل املعرفة<br />
كان ويليام جراي والتر متخص ِّ صً ا في الفسيولوجيا العصبية، وقد وُلد في ولاية كانساس<br />
ودرس في كامبريدج وعمل طوال حياته في اململكة املتحدة (جراي والتر، ١٩٦٣). كان من<br />
أوائل مستخدمي تخطيط كهربية الدماغ لتحديد مكان أورام الدماغ. وفي إحدى مراحل<br />
عمله مع املرضى كان يكشف لهم أجزاءً من الدماغ — الأمر ليس مرو ِّعًا كما قد تظن؛<br />
فالدماغ لا يحتوي على أي أعصاب ولا يشعر بأي ألم.<br />
وأثناء قيامه بعمله قرر أن يحاول إجراء تجربة مثل ليبيت. قام بإعطاء املرضى<br />
جهازًا لعرض الشرائح مزو َّدًا بناقل دائري للشرائح، وطلب منهم أن يتصف َّحوا الشرائح<br />
في أوقات فراغهم. وقد كانت لهم حرية تحريك الشرائح متى أرادوا، باستخدام زر ضغط<br />
بسيط.<br />
ولكن كانت هناك خدعة، وهي أنه على الرغم من أن الناقل الدائري كان مزو َّدًا بزر<br />
يبدو عاديٍّا بالنسبة لهم كي يضغطوا عليه من أجْل تحريك الشرائح، فإن الشيء الذي<br />
«لم» يتم إخبارهم به هو أن الزر كان وهميٍّا. كان الناقل الدائري مهيأً بالفعل بحيث<br />
يتحرك عن طريق إشارة مكبر َّ ة تصدر من القشرة الحركية داخل أدمغتهم (جراي والتر،<br />
١٩٦٣، في دينيت، ١٩٩٣).<br />
إذا كان الفكر الواعي في مفهوم املسرح الديكارتي هو ما يبدأ في إحداث الفعل،<br />
فقد كان ينبغي للمرضى عدم ملاحظة أي شيء بخلاف الشرائح التي ربما كانت تتحرك<br />
148