إغواء العقل الباطن

إغواء العقل الباطن
لكن الشيء املاكر الذي يتنامى تدريجيٍّا مع استراتيجية ‏«الوجود املطلق»‏ هو أنه
بعد فترة من الوقت لم يَعُدْ‏ أحدٌ‏ من َّا ‏«يلاحظ»‏ كوكاكولا،‏ فهي موجودة وحسب.‏ لقد
أصبحت جزءًا من خلفية عاملنا الحديث.‏ أصبحنا نعتبرها أمرًا مفروغًا منه.‏ كل هذا يعني
أنه تقريبًا في كل مرة نشاهد فيها كوكاكولا خلال حياتنا املزدحمة بالأحداث،‏ نشاهدها
بعقلنا الباطن.‏ وعقلنا الباطن ليس له قدرة معنوية على الحكم؛ لأن تلك الوظيفة يضطلع
بها عقلنا الواعي؛ لذا فإن عقلنا الباطن،‏ إذا استطاع أن يتحدث،‏ فلن يقول للعقل الواعي
‏«مهلاً‏ ، استمع،‏ هل تدرك أن جميع مرات التعرض لكوكاكولا تكي ِّفك على الاعتقاد بأنها
لا بد أن تكون كوكاكولا الأفضل في العالم؟»‏ والشيء الأكثر ترجيحًا هو أن العقل الباطن
كان سيقول شيئًا من قَبِيل:‏ ‏«دَعْنا نُواجِ‏ ه الحقيقة،‏ لو لم تكن كوكاكولا هي الأفضل
لكان شخص من بني ملايني الأشخاص في جميع أنحاء العالَم الذين يَشرَبونها فَعَل
شيئًا ما حِ‏ يَالَها من قبلُ.»‏ بالطبع،‏ لن يقول ذلك أيضً‏ ا؛ لأن عقلك الباطن لا يستطيع
أن يُخضِ‏ ع الأمور للمنطق؛ لذا فهو لن يَفهَم أن كوكاكولا الجديدة حاولت القيام بذلك
بالضبط وفشلت.‏
وكما قلت في وقت سابق،‏ سرعان ما سينطبق الأمر على املنتجات التي يتم عرضها
على شاشة التليفزيون في برامجنا املفض َّ لة،‏ فبَعْدَ‏ فترة من الوقت،‏ لن نلاحظها ببساطة،‏
لكن عقلنا الباطن سيستمر في تسجيلها،‏ ويضع بجانبها شخصياتنا املفض َّ لة،‏ بل ويربطها
أحيانًا بكونها تُشرَب،‏ أو تؤكَل،‏ أو تُستخدَم من قِ‏ بَل شخصياتنا املفضلة.‏ وسيعتبر عقلنا
الباطن أن الشخصيات املفضلة التي نعتبرها أصدقاء لنا قد صد َّقت عليها؛ لذلك فإن
عرض املنتجات في البرامج والأفلام سيكون بمثابة تصديق شخصي،‏ مما يجعل هذا
الأسلوب دائمًا أقوى وسيلة للإعلان.‏
هل هذا صحيح؟ هل يُسمح للعلامات التجارية بأن تؤثر فينا على هذا النحو؟ ألاَ‏
ينبغي أن يصدر قانون ضدها؟ هذه هي الأسئلة التي سوف نتناولها في الفصل القادم.‏
هوامش
survey.
(1) Institute of Practitioners in Advertising (IPA) 2010 Touchpoints
244