إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
لم يكن هناك شيء يُمي ِّز الحملة من أسعار أو عروض أو منتجات جديدة جذ َّابة تستحق<br />
أن يتذكرها أحد. الحقيقة أن املاء الأزرق والفقاعات ليست السمات التي يمكن أن يبحث<br />
املرء عنها في أي هاتف محمول.<br />
لذا، بحلول عام ٢٠٠٥، هل تستطيع أن تخم ِّن ما آل إليه حال كل علامة من هذه<br />
العلامات التجارية في اململكة املتحدة؟ إليك الإجابة: لقد استحوذَتْ شركة «تي موبايل»<br />
على شركة «وان تو وان» وصار لديها ١١٫٢ مليون عميل بريطاني. أما شركة فودافون<br />
الاستحواذية فقد صار لديها ١٤٫٨ مليون عميل. وقد جلب الإعلان الشهري لشركة أورانج<br />
نحو ١٤٫٩ مليون عميل.<br />
ولكن ماذا حقق إعلان املاء والفقاعات عديم املعنى ل «أو تو»؟ حسنًا، لقد ترت َّب عليه<br />
أن هذه الشبكة التي كانت على وشك الزوال قد أصبحت أكبر شركة هواتف في بريطانيا،<br />
بقاعدة عملاء يبلغ حجمها نحو ١٧ مليون عميل. لا، هذا ليس خطأًمطبعيٍّا! لقد أصبحت<br />
«أو تو» في غضون ٤ سنوات فقط رائدة السوق. الأكثر إثارة في هذه القصة أنها حق َّقت<br />
هذا النجاح بدون تقليل أسعارها عن الشركات الأخرى، وبدون أن تتمت َّع بأي مزية فنية<br />
معينة، وبدون اللجوء لأي نشاط استثنائي في الدعاية والإعلان. يبدو أن «أو تو» قد حققت<br />
ريادتها في السوق بفعل ما هو أكثر من مجرد إعلان املاء والفقاعات.<br />
كيف حدث ذلك؟ كيف استطاعت الدعاية التي لم تَقُم بتوصيل رسالة ذات معنًى<br />
أن تدفع بعلامة تجارية إلى الريادة في سوق تنافسية كتلك؟ بمواصلتك القراءة ستعرف<br />
الإجابة، كما ستعرف أيضً ا كيف استطاعت شركات أخرى كثرية أن تفعل املثل. السبب<br />
هو نظريتي في أن أكثر الحملات الدعائية نجاحًا في العالم ليست تلك التي نحبها أو<br />
نكرهها، أو تلك التي تحمل رسائل جديدة أو مثرية، إنها تلك الحملات على غرار حملة<br />
«أو تو» القادرة — وبدون كثري من الجهد — أن تجعل الأشياء تمر تحت أعيننا دون أن<br />
ننتبه، وأن تؤث ِّر على سلوكنا دون أن نُدرِك أصلاً أنها فعلت ذلك. والطريقة التي تعمل<br />
بها هذه الحملات الإعلانية والتي تبدو مسالِمة ظاهريٍّا هي «<strong>إغواء</strong>» عقلنا <strong>الباطن</strong>.<br />
ولسوء الحظ، فإن الطريقة التي تنجح بها الدعاية في <strong>إغواء</strong> عقلنا <strong>الباطن</strong> ليست<br />
بالأمر الهَني ِّ ، حيث يتبني َّ لنا أنها تملك قدرتها تلك على التأثري علينا بهذه الطريقة لأننا<br />
كبشر نتأثر بطريقة خاصة ببعض أنواع التواصل. وهذه القابلية للتأث ُّر نابعة من الطريقة<br />
التي تطورت بها عقولنا، وعليه فلكي نفهم ما يجري، من اللازم أن نتعرف على الكثري<br />
من الأفكار الجديدة في علم النفس.<br />
18