إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
تنشأ املعرفة التقريرية من نظامني مختلفني للذاكرة يُعرَفان باسم الذاكرة الدلالية<br />
والذاكرة العرضية. الذاكرة العرضية هي الذاكرة التي ترتبط بتجربة ذاتية؛ والذاكرة<br />
الدلالية هي الذاكرة التي تُخز ِّن القواعد والإشارات املرجعية واملعاني دون معرفة متى<br />
وكيف اكتُسبت هذه القواعد؛ لذلك، وعلى سبيل املثال، فإن «معرفتك» بتجربة تتعلق<br />
بانزلاقك وقرب اصطدامك بأحد الأشخاص قد تدخل ضمن الذاكرة العرضية؛ لأنها<br />
ترتبط بوقتٍ ومكانٍ لا يُمحَيان من <strong>العقل</strong>. وقد تدخل كثريًا «معرفة» أن قيادة السيارة<br />
تكون أفضل إذا قمتَ بتغيري ناقل الحركة ضمن الذاكرة الدلالية؛ لأنه من غري املحتمل<br />
أن تتذكر متى أو حتى كيف اكتشفتَ هذا الأمر.<br />
تحتاج الذاكرة العرضية إلى تشفريٍ أكثر دقةً من تشفري الذاكرة الدلالية، وأعتقد أن<br />
هذا هو ما يفسر السبب وراء صعوبة تذك ُّر الإعلانات؛ فالإعلان الذي نشاهده للمرة الأولى<br />
من املستبعَد أن يكون مألوفًا بالنسبة لنا؛ ومِن ثَم َّ فهو يُعَد ُّ ذكرى جديدة. ولكي نتذكره<br />
يجب أن نكون قد قمنا بتشفريه بدقة كافية لكي تكون هناك «صورة» في أذهاننا لجزء<br />
منه، وربما فكرة عن وقت مشاهدتنا له أو سماعنا إياه. إننا بحاجة أيضً ا إلى مسارات<br />
راسخة تصل إلى الإنجرام الخاص بالعلامة التجارية التي يجري الإعلان عنها؛ لذلك<br />
تكون الذاكرة الإعلانية هي املكافئ للذاكرة العرضية الجديدة املعقدة للغاية، ومثل أي<br />
ذاكرة عرضية، يمكن طمس املسارات أو فقدانها بالكامل بسهولة تامة. وهذا هو السبب<br />
وراء أننا غالبًا ما نتمكن من تذكر أحد مكونات الإعلان، وليس الإعلان نفسه. أو يمكننا<br />
تذكر الإعلان، وليس العلامة التجارية التي يعلن عنها.<br />
وهذا الأمر ليس بالضرورة صحيحًا فيما يخص «التأثري» الذي قد يمارسه الإعلان<br />
علينا؛ فالإعلان يمكن أن يؤثر على اعتقاداتنا الخاصة بعلامة تجارية معينة، وهذه<br />
الاعتقادات بدورها يمكن أن تؤثر على مواقفنا تجاه تلك العلامة. وهذه الاعتقادات<br />
واملواقف هما ما يعادلان «القواعد واملعاني»؛ ومِن ثَم َّ فإنهما ستكونان مفاهيم بسيطة<br />
نسبيٍّا يتم تخزينها في الذاكرة الدلالية. وبطبيعة الحال، فإنهما تظلا َّ ن بحاجة إلى مسارات<br />
تربطهما بالعلامة التجارية، ولكن عند مقارنتهما بالإعلانات فإنه يسهل جدٍّا تشفريهما.<br />
ولكنْ مرة أخرى نجد فارقًا مهمٍّا بني الاعتقادات واملواقف. وبالعودة إلى السيارات<br />
الرياضية التي ذكرتُها في الفصل الثاني، من غري املحتمل إلى حد ٍّ كبري أن تكون هناك<br />
أي سيارة أخرى تسري بسرعة ١٦٣ ميلاً في الساعة؛ ومِن ثَم َّ سيكون هذا الاعتقاد بمثابة<br />
ذكرى جديدة. وهذا يعني أنه يجب علينا تشفري املسار الذي يربط الاعتقاد أو الفكرة<br />
92