Attention! Your ePaper is waiting for publication!
By publishing your document, the content will be optimally indexed by Google via AI and sorted into the right category for over 500 million ePaper readers on YUMPU.
This will ensure high visibility and many readers!
تمهيد بدايات القرن الحادي والعشرين، حينما كتبتُ دراسة بعنوان «القوة الكامنة للإعلان» (هيث، ٢٠٠١). وقد اعتمدتُ في تلك الدراسة على فكرة كروجمان القائلة إن الإعلان التليفزيوني قد يؤث ِّر علينا حتى وإن تلق َّيْناه دون انتباه. ومنذ نشر الدراسة عام ٢٠٠١، تنامَى نطاق قبول فكرة أن الإعلان الخاضع للقليل من الانتباه قد يكون فع َّالاً . ومع ذلك، لا يزال كثريون في صناعة الإعلان يصر ُّون على أن الإعلان يؤتي ثماره فحسب عن طريق الإقناع، وأنه يكون أكثر فعالية عندما يَحظَى بقدْر كبري من الانتباه. ومع أن دراستي تستند في الأساس إلى علم النفس، فإن الوسط الأكاديمي لم يجدْهَ ا دقيقةً بالقدْر الكافي، ولكي أتغل َّب على هذه املشكلة، قر َّرتُ أن أنتميَ بدوري إلى الوسط الأكاديمي، فانخرطْتُ في الدراسة ونلتُ درجة الدكتوراه، وقرأتُ وكتبتُ مقالات في الدوريات الأكاديمية. لكن كل َّما بحثتُ في املوضوع، تبني َّ لي أن الطريقة «الأخرى» لتأثري الإعلان — أي الطريقة البديلة للإقناع — هي في الأغلب أشد تأثريًا من الإقناع. أعرب الكثريون عن قلقهم من كيفية تأثري الإعلان علينا دون معرفتنا، ومن أنه «يتلاعب» بسلوكنا لا شعوريٍّا؛ والآن صرتُ أعلم أن هذه املخاوف لم تأتِ من فراغ. هذه الآلية البديلة لتأثري الإعلان هي ما أُطلِقُ عليه «<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong>»، وعلي َّ أن أؤكد أنه لا علاقة لهذا بالتأثريات دون الواعية التي ذكرها فانس باكارد في كتابه الشهري «املقْنِعون املستَترِ ون». بنَى باكارد زعمَه بشأن الرسائل التي تتكش َّ ف دون حدود الإدراك الحسي على خدعة، ولا يوجد دليل على الإطلاق على أن الإعلان يؤثر فينا بهذه الطريقة، بل الأكثر إثارة للقلق أن قُدْرة الإعلان على <strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong> تقوم على استخدام عناصر تحت سمعنا وبصرنا ويسهل علينا تمييزها. والإشكالية هي أننا نختار تجاهل تلك العناصر رغم قدرتنا على تمييزها والانتباه إليها. وهكذا فإن قدرة الإعلان على التأثري بهذه الطريقة إنما تختلف عن فكرة تعر ُّض <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong> (تهي ُّؤه للتأث ُّر) لشيء نستطيع مقاومته أو وضْ ع حد ٍّ له، وأحد أسباب حدوث ذلك هو الآلية التي تعمل بها عقولنا، والسبب الآخر الطريقة التي نتخذ بها قراراتنا. وهذا يعني أن تفسري نموذج <strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong> ليس بالأمر اليسري؛ فهو يتضمن تجميعَ ودراسةَ أفكارٍ مُرك َّبة تتعلق بآليات الإدراك الحسي والتفكري والشعور والتذك ُّر والنسيان. لم تُطرَح تلك الأفكار إلا َّ في العَقدَيْن الأخريين من قِ بَل أكاديميني أمثال: أنطونيو داماسيو، ودانيال دينيت، ودانيال شاكتر، وجوزيف لودو، وستيفني روز. ورغم ما تت َّسم به هذه 11
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong> الأفكار من تعقيد، فإنني قد بذلتُ قصارى جهدي في توصيفها بلُغة يسهل على الجميع فهمها. وسعيتُ إلى تجن ُّب الوقوع في مواقف لا أجد في وصفها أفضل من تعليق صديقي العزيز الراحل أندرو إرينبرج: «لا يوجد شيء في العالم بالِغ التعقيد لدرجة أنه لا يمكن أن يصبح بعدها أكثر تعقيدًا عند دراسة مجموعة من العباقرة له.» إنني مَدِينٌ بالشكر لكثري من الأشخاص الذين ساعدوني في تأليف هذا الكتاب، وأخص ُّ بالشكر بول فلدويك وجون هاورد اللذَيْن أَلْهَمَتْ أفكارُهما بحثي، وأشكر أيضً ا — دون ترتيب محدد — تيم أمبلر، وديفيد برانت، وجرييمي بوملور، وويندي جوردون، وآرثر كوفر، وأجنيس نرين، ودوجلاس ويست، وغريهم كثريين مم َّن ساهموا مساهماتٍ غري مباشرة في هذا الكتاب. أوَد ُّ قبل أي شيء أن أُعرِب عن امتناني وحبي لزوجتي وصديقتي ومحررتي فرانسيس ليارديه، التي من دون مساندتها ما كان لي أن أكون كاتبًا على الإطلاق. 12