إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
في بحثه الرائد إلى وجود عددٍ من الأسباب التي تدحض الاعتقاد القائل بأن العاطفة<br />
تعقب املعرفة.<br />
في بادئ الأمر، أوضح زايونتس أن الاستجابات الوجدانية (العاطفية) أولية<br />
بطبيعتها، بمعنى أنها أول ما ينشأ في أي عملية تفكري؛ فقد أشار إلى أنه «عندما<br />
نحاول تذك ُّر أو فهم أو استرجاع حدث أو شخص أو مقطوعة موسيقية أو قصة أو<br />
اسم أو أي شيء، تكون السمة العاطفية للمدخل الأصلي أول عنصر يَظهَر» (زايونتس،<br />
١٩٨٠). مثلاً ، أتذك َّر أنه منذ نحو ستني عامًا تعرضتُ للتوبيخ لأنني كنتُ فظٍّا مع<br />
البستاني الذي كان يعمل في حديقة والدي. لا أعلم بالضبط ما تفو َّهتُ به، ولكني ما زلتُ<br />
أذكر إلى الآن الشعور بالخِ زْي والذ ُّل ِّ الذي صاحب املوقف.<br />
أشار زايونتس أيضً ا إلى أن الاستجابات العاطفية لا يمكن تجن ُّبها «فقد يتمكن<br />
البعض من التحكم في التعبري عن مشاعره، ولكن لا يمكنه تجن ُّب الإحساس بها على<br />
الإطلاق» (زايونتس، ١٩٨٠). لو فكرنا في الأمر لِلَحظة لتأكدنا من صحة ذلك. فعلى<br />
سبيل املثال، إنْ ذهبتَ إلى جنازة أحد أصدقائك وسمعتَ خطبةً عن املتوفى َّ ، فلا يمكنك<br />
التحك ُّم بما ينتابك من حزن حتى وإن استطعتَ منْع نفسك فعليٍّا من البكاء. وباملثل،<br />
عندما تستمع إلى نكتةٍ ظريفةٍ ولكن غري مهذ َّبة نوعًا ما، فربما تكون قادرًا على منع<br />
نفسك من الضحك، بل ربما تكون قادرًا على إخبار نفسك بعد ذلك بأن النكتة لم تكن<br />
مُضحِ كة بالفعل، ولكنك لا تستطيع أن تمنع نفسك من الشعور بأنها مضحكة في املرة<br />
الأولى التي سمعتَها فيها.<br />
ثالثًا: أوضح زايونتس أن الاستجابات العاطفية يصعب التعبري عنها لفظيٍّا، فهي<br />
تعتمد عمومًا على وسائل التعبري غري اللفظية (زايونتس، ١٩٨٠). فعلى سبيل املثال،<br />
عندما تُقابِل أحدًا فإنك تعلم على الفور إن كنتَ تحب هذا الشخص أم لا، ولكن يكاد<br />
يكون من املستحيل أن تفهم «من الناحية الإدراكية» سبب حبك له. وإن سألك أحدٌ لِمَ<br />
تحب هذا الشخص؟ فإن الإجابة تتلخ َّ ص في صفاتٍ مثل أنه شخصٌ «لطيف» أو «مَرِ ح»<br />
أو «مُثِري للاهتمام». ولكن بناءً على ما جاء على لسان زايونتس، «فإن تلك الصفات<br />
توضح ردود أفعالنا إزاء هذا الشخص ولا تَصِ ف الشخص نفسه، ولا تُعَد ُّ تلك الصفات<br />
وسائل لفظية دقيقة للتعبري عن «سبب» إعجابنا ببعض الأشخاص والأشياء وما يعجبنا<br />
فيها» (زايونتس، ١٩٨٠).<br />
132