إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
والتعاطف لا تكون مكتسبة بالضرورة لأنها تَظهَر تلقائيٍّا في الكثري من الأحيان؛ بمعنى<br />
أنه خلال عملية تطورنا، ظهرت لدينا بعض أنماط ردود الأفعال مثل التعاطف عندما<br />
ترى شخصً ا ما يعاني، والاستياء أخلاقيٍّا عند ممارسة أحد الغش. وبالطبع إنْ لم نكن<br />
نعرف مشاعر مثل الفرح والحزن والاستياء والخوف، فإن وجودنا سيكون «حياديٍّا»<br />
جدٍّا.<br />
غالبًا ما نكون على وعي بمشاعرنا، وعندما يحدث هذا الوعي تكون تلك املشاعر<br />
قادرة على ممارسة أكبر تأثري علينا، ولكن هذا الوعي أيضً ا له دور في صنع التوازن، فقد<br />
أظهر بحثٌ علمي أجراه روبرت بورنستني (١٩٩٢) حقيقة أنه في حال وعينا «املفرط»<br />
بالتأثري على مشاعرنا، فإن هذا التأثري يتضاءل. ويكمن السبب في ذلك أننا حينما نعلم<br />
أن مشاعرنا يتم التأثري عليها، فإننا يمكن أن نعارض هذا التأثري عقلانيٍّا ونُضعِ ف من<br />
رد الفعل الناتج عنه (كيلستروم، ١٩٨٧). على سبيل املثال، إن علمتَ أن أحد الأشخاص<br />
يحاول أن يُنافِ قك، فإنك ستكون مُستعِ دٍّا للدفاع عن نفسك إن كانت لديك الرغبة. ولهذا<br />
الأمر علاقة وطيدة بصناعة الإعلان كما سيتضح لنا لاحقًا.<br />
لذا فنحن نكون أكثر عرضة للتأثر فقط عندما نكون مدركني على نحو مبهم غري<br />
واضح أن عواطفنا يتم التأثري عليها، ويزداد تعرضنا للتأثر عندما لا يكون لدينا أي<br />
فكرة أن تأثريًا ما يُمارَس على عواطفنا. يشري داماسيو إلى أن معظم الناس يفترضون<br />
أنه في حال وجود مشاعر فلا بد أننا سنكون على وعي بها، ولكن ليست تلك هي الحال<br />
دومًا.<br />
ألا تدل الحالة الشعورية حتمًا على أن صاحبها واعٍ تمامًا بالعاطفة والشعور<br />
اللذين يَظهَران لديه؟ أرى أنها لا تدل على ذلك، فلا يوجد دليل على أننا ندرك<br />
كافة مشاعرنا، وهناك الكثري من الأمثلة التي تُعز ِّز رأيي. فعلى سبيل املثال،<br />
غالبًا ما ندرك على نحو مفاجئ أننا نشعر بالقلق أو عدم الارتياح أو السعادة<br />
أو هدوء الأعصاب، ومن الواضح أن تلك الحالة الشعورية لم تكن بدأت في<br />
لحظة الدراية بها بل قبلها. ولم تكن الحالة الشعورية والعاطفة اللتان أد َّتَا<br />
إلى تلك الحالة الشعورية الجديدة قد تول َّدتا على مستوى «الوعي». (داماسيو،<br />
(٢٠٠٠<br />
من جديد، هذا الأمر له أهمية بالغة فيما يتعلق بصناعة الإعلان، ويمكن أن أوضحها<br />
بالعودة إلى املثال الخاص بموسيقى الخطوط الجوية البريطانية. لقد أشرتُ من قبل<br />
138