إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
سمات الغلظة نفسها، والحرية، والاستقلال التي يتسم بها راعي البقر. ويسري ذلك<br />
على أي بلد تعيش فيه؛ لأننا جميعًا عرضة في طفولتنا لأن نشاهد أفلامًا تُظهِ ر رعاة بقر<br />
يت َّسِ مون بالغلظة.<br />
من املعلوم الآن أن الشيء الذي يرغب فيه الشباب أكثر من غريه هو الحرية<br />
والاستقلالية، وفرصة (في حالة الرجال) لأن يُنظَر إليهم باعتبارهم أشداء؛ ومن ثم لا<br />
عجب في أن املزيد من الشباب يدخنون سجائر مارلبورو أكثر من أي نوع آخر من<br />
السجائر، ليس من قَبِيل املصادفة أنهم يفعلون ذلك. إن هذا يُعَد ُّ نتيجة مباشرة للمواقف<br />
املهيئة التي يغرسها راعي بقر املارلبورو لا شعوريٍّا في عقولهم.<br />
يجب أن تكون هذه التهيئة لا شعورية كي تكون مؤث ِّرة. لو أدرك الجميع أن الإعلان<br />
كان يحاول ربط مدخني مارلبورو بسمات مثل الغلظة والحرية والاستقلال، لخضع<br />
ذلك لنقاش الشباب وتحول إلى نوع من املزاح: «ها ها، أراك تدخن مارلبورو كي تبدو<br />
في صورة رجولية، يا لك من مخنث!» مثل هذا املزاح سيُبطل أثر التهيئة عبر الاعتراض<br />
بقوة على فكرة أن مدخني مارلبورو «رجال حقيقيون» ويحل ُّ محل َّها فكرة أنهم مجرد<br />
أناس عاديني يحاولون التظاهُ ر بأنهم أشداء ومستقلون. لكنْ نظرًا لأن تصور الغلظة<br />
يتم على مستوى اللاوعي، فإنها لم تُناقش أبدًا بشكل علني، ولم تواجَه إطلاقًا بمعارضة.<br />
وفي النهاية، في بداية ثمانينيات القرن العشرين، حظرت هيئة معايري الإعلان أخريًا<br />
الدعاية الخارجية للسجائر. وفي ذلك الوقت فإن الأذكياء في شركة فيليب موريس كانوا قد<br />
أدخلوا مجموعة من امللابس التي تُظهِ ر معالم الرجولة. هذه امللابس شملت جينز دنيم،<br />
وقمصان رعاة البقر، وأحزمةً عليها صور عالم مارلبورو، وغريها من امللابس. لم تكن<br />
تلك سجائر؛ لذا كان القائمون على سجائر مارلبورو قادرين لسنوات على الاستمرار في<br />
استخدام السقف الأحمر العلوي وعبارة: «هيا إلى عالم مارلبورو» للإعلان عن ملابسهم.<br />
وكان لديهم مشروع آخَ ر وإنْ كان أكثر دهاءً يسري بموازاة ذلك: رعاية سباقات<br />
السيارات.<br />
دراسة حالة: رعاية مارلبورو لسباقات الجائزة الكبرى<br />
في عام ١٩٧٤، وتقريبًا في الوقت نفسه الذي تم فيه حظر ظهور صورة راعي البقر<br />
على لوحات مارلبورو الإعلانية، أبرمت شركة ماكلارين ريسنج ليمتد صفقةً مع شركة<br />
فيليب موريس كي تقوم الأخرية برعاية فريق سباق فورمولا وان. وكان الاتفاق يقضي<br />
250