إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
خاتمة<br />
حتى بقيادة سيارة بي إم دبليو ملدة ١٠ سنوات أو أكثر؛ إذن السؤال الذي يَطرَح نفسه:<br />
ملاذا فعلتْ ذلك يا تُرى؟<br />
وهنا خطرتْ لي الإجابة؛ إذا بدأ عرض إعلانات على أشخاص في سن ِّ السادسة من<br />
عمرهم فهم عندما يبلغون سن السادسة والعشرين يكونون قد تعرضوا للإعلان مدة<br />
عشرين عامًا. إنهم بذلك يكونون قد تأث َّروا بكل ما فيه من جمال الصورة والتقد ُّم التقني<br />
على مدى عشرين عامًا بمشاهدتهم إعلان «السيارة الأفضل». ولا عجب إذن أن هناك<br />
الكثري من الناس حول العالم يرغبون في امتلاك سيارة بي إم دبليو!<br />
هل ينبغي السماح ملثل هذه الأمور أن تحدث؟ بل ربما السؤال الأهم الذي يطرح<br />
نفسه في هذا الإطار: كيف لنا أن نُوقِف مثل هذه الأمور؟ يمكن استبعاد إعلانات السيارات<br />
من برامج الأطفال التي تُعرض على شاشة التليفزيون، ولكن أطفالنا يشاهدون برامج<br />
الكبار أيضً ا، وحتى إنْ لم يشاهدوها، فمِ ن املحتمل أن يشاهدوها على لوحات الإعلانات<br />
على جوانب الطرقات وعلى صفحات الإعلانات في الصحف واملجلات املوجودة هنا وهناك.<br />
هل ينبغي علينا حظر إعلانات السيارات تمامًا؟ بالطبع لا؛ السيارات قد تضر بالبيئة،<br />
ولكنها أقل خطرًا علينا نحن البشر من الحلويات والوجبات السريعة واملشروبات الغازية،<br />
فإذا ما قمنا بحظر إعلانات السيارات فإن ذلك يُعَد ُّ بمثابة خطوة صغرية تجاه حظر<br />
الإعلانات تمامًا. وإذا حدث ذلك، فستنهار معظم وسائل الإعلام من الناحية املالية، ولكن<br />
سرعان ما سيجد املُعلِنون طرقًا أخرى مبتكرة للتواصل معنا. هل تتذكر مجموعة ملابس<br />
مارلبورو وشعارها: «هي َّا إلى عالم مارلبورو»؟<br />
لكن ثمة طريقة أخرى ننظر بها إلى خداع <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong> في مجال الإعلان، وهي<br />
أن ننظر إليه بمنظور إيجابي، ففي كل عام تستخدم الحكومات الإعلانات في محاولة<br />
منها لتحسني ظروفنا املعيشية؛ فهي تحذ ِّرنا من خطر الأمراض كمرض الإيدز، كما<br />
تحذرنا من التدخني، وتنصحنا بعدم الإفراط في تناول السكر أو امللح أو الأغذية املشب َّعة<br />
بالدهون، ناهيك بتحذيرها لنا من مخاطر القيادة وتوعيتها لنا بالقيادة الآمِ نة املتعق ِّلة،<br />
ولكن العديد من هذه الحملات يستخدم النموذج التقليدي القديم في الإعلان، فهي تحاول<br />
إقناع املشاهد بالتصرف على النحو الصحيح، وبالطبع نمتلك القدرة بكل سهولة على<br />
دحض وتفنيد ما يقولون ومعارضته.<br />
دعونا نفترض أن هذا القطاع استخدم نموذج <strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong> في تصميم<br />
حملاته الإعلانية، وأنه قام بتنفيذه بدرجة الإتقان والفعالية نفسها التي يقوم بها<br />
279