إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
خارج دائرة الضوء<br />
وقد اعتبر الناس إعلان «ما الجديد؟» إعلانًا ناجحًا على نحو مدهش تمامًا مثل<br />
املريكات في اململكة املتحدة. ومع ذلك، لم يذكر أي شخص أن الإعلان قد أد َّى إلى زيادة<br />
مبيعات جعة بادوايزر، ومع علامة تجارية مثل بادوايزر كان يستحيل معرفة مدى<br />
تأثريه في املبيعات. من املؤكد أن هذا الإعلان زاد من الوعي بهذه العلامة التجارية، غري<br />
أنه نظرًا لأن جعة بادوايزر هي بالفعل الجعة الأكثر شهرة في العالم، فإنه لم يكن<br />
واضحًا ما إذا كان الإعلان قد أضاف أي شيء للعلامة التجارية أم لا؛ لذلك فإن هذا<br />
الإعلان كان يحمل نوعًا من التدليل واللهو والانطلاق يهدف إلى جعل جعة بادوايزر أكثر<br />
احتكاكًا بعالَم الشباب. بالطبع، عندما تكون غنيٍّا مثل بادوايزر، ليس هناك سبب لعدم<br />
تدليل نفسك بني الحني والآخر.<br />
أعتقد أن هناك سرٍّا آخر في هذا الإعلان. فسواء فعلوا ذلك عن عمد أم لا، أظن أنه قد<br />
يكون هذا الإعلان عبارة عن قطعة من الهندسة الاجتماعية تم تنفيذها ببراعة. يمكنك أن<br />
تلاحظ أنني حذفتُ في وصفي للإعلان جزءًا بسيطًا من التفاصيل. في إعلان «ما الجديد؟»<br />
لم تكن كل الشخصيات بيضاء البشرة بل كانتِ الشخصيات مزيجًا من السود والبيض<br />
والصينيني، وقد أظهرتِ الطريقة التي يتحدثون بها خلفي َّاتهم الحضرية والعِ رْقية. وأو ُّد<br />
أنْ أقول إن الصورة التي كانت لدى معظم الناس عن شارب جعة بادوايزر العادي —<br />
إلى أن تم َّ بث ُّ إعلان «ما الجديد؟» — أنه شاب عادي أبيض البشرة يقوم بالشواء في فناء<br />
منزله أو يمسك بعنق زجاجة في مباراة كرة؛ لذلك أعتقد أن ما فعله هذا الإعلان على نحو<br />
ذكي للغاية، بأن أصبح معروفًا جدٍّا لدى الجميع، هو أنه أعاد هندسة صورة مستخدم<br />
بادوايزر، وذلك ببراعة وبطريقة مُستَترِ ة. وبعبارات بسيطة، تحو َّلت جعة بادوايزر من<br />
جعة يحتسيها الأمريكيون البِيض فقط إلى جعة يحتَسِ يها جميع الأمريكيني.<br />
الآن دعونا نتخي َّل للحظة أن هذه الرسالة كانتْ هدف التواصل العلني لهذا الإعلان.<br />
تخي َّل الجَدَل إذا تم استخدام الأصل العرقي موضوعًا لإعلان تليفزيوني. تخيل الخطر<br />
الذي كان قد يلحق بسمعة العلامة التجارية «بادوايزر». ومع ذلك، فإن هدف هذا<br />
التواصل الجدلي تم تحقيقه من خلال إعلان «ما الجديد؟» ببساطة عن طريق إخفاء<br />
ذلك الهدف بذكاء في رسالة علنية أكثر وضوحًا عن اللهو والتحلي ب «الحذاقة». وبالقيام<br />
بذلك الأمر، لم يتم تناول الرسالة العرقية بصراحة وعلى مستوى الوعي، ولكن بلا وعي<br />
وعلى نحو ضمني؛ لذا يتم ُّ تخزينها في الذاكرة الضمنية لدى جميع الأشخاص الذين<br />
شَ اهَ دوا إعلان «ما الجديد؟» منتظرين اللحظة التي يسألون فيها أنفسهم عن نوعية<br />
233