إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
يكون بطيئًا للغاية في إحداث أي تأثري. على سبيل املثال، بسبب عدم تقديم أحد ما<br />
شكوى فإنها سَ مَحَت لجالاهر بإعلان عن سيجار هاملت على شاشات التليفزيون ملدة<br />
٢٥ عامًا. كما أنها سمحت، كما سنرى في املثال التالي، ملارلبورو أن تُصبِح السيجارة<br />
الأكثر شعبية في اململكة املتحدة؛ حتى وإن كان الإعلان عن السجائر محظورًا على نحو<br />
تام ٍّ.<br />
دراسة حالة: راعي بقر مارلبورو<br />
إنني أدر ِّس كل َّ عام مقر َّرين في جامعة باث حول نظرية الدعاية املتقدمة، وأحد هذين<br />
املقررين يُدر َّس لطلاب السنة النهائية بالكلية، وجميعهم ما بني ٢٠ و٢٢ عامًا، وهذا<br />
يعني أنهم وُلدوا في الفترة بني عامي ١٩٨٩–١٩٩١ تقريبًا في اململكة املتحدة على أغلب<br />
الظن.<br />
وقد عرضتُ عليهم في إحدى محاضراتي صورةً لرجل يرتدي قبعة راعي بقر<br />
ويمتطي حصانًا، ويضع هذا الرجل سيجارة في فمه. وعندما سألتُهم مَن هو تعر َّفتِ<br />
الغالبية العظمى من الطلاب عليه فورًا وأدركتْ أنه راعي بقر مارلبورو.<br />
اندهشوا عندما أخبرتُهم أن راعي بقر مارلبورو لم يَظهَر في اململكة املتحدة إلا على<br />
لوحات الإعلانات، وأن الإعلانات صو َّرت لقطة بعيدة لقطيع من املاشية يقوده بعض<br />
رعاة البقر. وأصابهم الذهول عندما أخبرتُهم أن هذه الإعلانات التي عُرضت في اململكة<br />
املتحدة لم تستمر سوى ثلاثة أشهر فقط في عام ١٩٧٤؛ أي قبل مولدهم بنحو ١٥<br />
عامًا.<br />
حسنًا، إن ذلك ليس صحيحًا تمامًا، فما حدث بالفعل هو أن هيئة معايري الإعلان<br />
قد حظرت أية لقطات لرعاة البقر، لكن سمحت بالاستمرار في إظهار الريف الواسع<br />
وقطعان الرعي من املاشية والخيول، واستخدام عبارة: «مرحبًا في عالَم مارلبورو.» كما<br />
استمر السماح باستخدام رمز عبوة مارلبورو ذات السقف الأحمر العلوي، بل وبإظهار<br />
أسيجة ذات سروج وعتاد يخص راعي البقر؛ مما يوحي بأن راعي البقر كان موجودًا<br />
بالقرب من املكان لكنه خارج هذه اللقطة. واستمر ذلك على الأقل ملدة ثلاث سنوات<br />
بعد الحظر، مع إنفاق عشرات امللايني من الجنيهات. وفي مرحلة رأت بعض التقديرات<br />
أن شركة فيليب موريس كانت تدفع بالفعل ملنظومة مترو لندن أكثر مما كانت تدفع<br />
الحكومة لهذه املنظومة في ذلك الوقت.<br />
248