25.12.2016 Views

إغواء العقل الباطن

27926268

27926268

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

إشكاليات جذب الانتباه<br />

في اعتقادي،‏ سرِ‏ ُّ هذا النجاح يعود إلى عنصرٍ‏ لم أذكره بعدُ،‏ وهو عنصر نَمِ‏ يل جميعنا<br />

إلى استبعاده من ناحية الإدراك الحسي،‏ وذلك عندما نُشاهِ‏ د إعلانات التليفزيون،‏ وهذا<br />

العنصر هو املوسيقى التصويرية؛ فقد قامت وكالة الإعلان في مرحلة لاحقة — حدث هذا<br />

في الواقع قبل بث ِّ الإعلان بثلاثة أسابيع — بإضافة خلفية موسيقية،‏ وكانت املوسيقى<br />

التي اختارتْها الوكالة عبارة عن دويتو إيقاعي جميل من أوبرا ‏«لاكمي»‏ لدليباس،‏ وما<br />

كان لأحد من املشاهدين أن يُوليِ‏ َ الكثري من الانتباه النشط لهذه املوسيقى؛ وذلك لأن<br />

محور الإعلان هو املقاعد الجديدة،‏ ولكن من املمكن أن يكون قد حدث تأث ُّر ضمني لا<br />

واعٍ‏ بها،‏ تمامًا مثل كل املناقشات في متلازِمة حفل املشروبات.‏<br />

أما الآن فعندي دليل على أن لهذه املوسيقى تأثريًا كبريًا على شعور املشاهدين إزاء<br />

السفر على متن الخطوط الجوية البريطانية،‏ وهذا الدليل مستمَد ٌّ من أكثر من مائة<br />

جلسة وندوة قمتُ‏ خلالَها بتشغيل املوسيقى التصويرية لهذا الإعلان،‏ وكنتُ‏ أطلب من<br />

الحاضرين أن يُخبروني بشعورهم تجاه تلك املوسيقى.‏ وفي كل مرة كان الحاضرون<br />

يخبرونني بأنها تجعلهم يشعرون بالارتياح والاسترخاء،‏ كما لو أنهم يحل ِّقون في الهواء<br />

بكل حرية وأن هناك مَن يرعاهم ويعتني بهم.‏<br />

نحن عندما نشاهد الإعلان لا نسجل تلك املشاعر عن وعي؛ وهذا لأن املوسيقى<br />

تول ِّدها تلقائيٍّا من مفاهيم مختزنة في ذاكرتنا الدلالية،‏ وهذا بالطبع يعني أنه من غري<br />

املمكن معارضتها،‏ بل على العكس،‏ فبعد التعر ُّض للإعلان عدة مرات سيصبح الإدراك<br />

الحسي للموسيقى مرتبطًا لا شعوريٍّا بالخطوط الجوية البريطانية،‏ والقِ‏ يَم املفاهيمية<br />

التي يحف ِّزها ستتحول إلى الشركة من خلال عملية تسم َّى ‏«التهيئة»‏ التي سوف أتناولها<br />

بمزيد من التفصيل في الفصل التالي،‏ ولكن الآن دعونا نقبل فقط بأن املشاهدين قد<br />

ترس َّ خ لديهم إحساس بأن الخطوط الجوية البريطانية وسيلة رائعة ومريحة للطريان،‏<br />

ولكن دونما أدنى فكرة عن سبب هذا الشعور.‏<br />

استخدمت الخطوط الجوية البريطانية هذه املقطوعة املوسيقية في إعلاناتها لنحو<br />

٢٠ عامًا،‏ بل قامت حتى ببث ِّها في كبائنها أثناء صعود الركاب الطائرة.‏ ومع مرور الوقت،‏<br />

ربط الجميع بني أوبرا ‏«لاكمي»‏ والشركة،‏ وبهذه الطريقة صارت مثالاً‏ ممتازًا على ما<br />

سوف نسم ِّيه لاحقً‏ ا ‏«الارتباط العاطفي بالعلامة التجارية».‏ ومع ذلك،‏ لم تعترف الوكالة<br />

الإعلانية أبدًا بمقدرة هذه املوسيقى على تشكيل رأي عام تجاه شركة الطريان،‏ حتى إن<br />

كلمة ‏«موسيقى»‏ لم تَرِد ولو مرة واحدة في املرتني اللتني رُش ِّ حت فيهما الوكالة للفوز<br />

123

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!